القياس الشرطي ومدى تحقق شروط القياس فيه
للدكتور علي إمام عبيد
طبعة مجلة كلية دار العلوم جامعة القاهرة ، مجلة علمية محكمة .
إصدار خاص ، سنة 2008م .
حد القياس لدى أرسطو ولدى الإسلاميين على السواء : أنه قول يتكون من أكثر من مقدمة – مقدمتين تحديدا – يلزم عنهما لزوما ضروريا نتيجة ، لكن بعدالاتفاق على هذاالحد ، يرى أرسطو أن هذا الحد لا يتحقق إلا بوجود حد أوسط يربط بين كلتا المقدمتين ويجعلهما يفضيان إلى النتيجة ، بينما يخالفه في ذلك كثير من الإسلاميين ، ويبدو البعض الآخر من الإسلاميين متابعا لأرسطو على اضطراب وتذبذب .
وبناء على ما سبق فالقياس الشرطي الاستثنائي يصبح محل خلاف حول اعتباره قياسا أم لا ، نظرا لعدم وجود حد أوسط فيه ، وإذا لم يكن قياسا فهل هو استدلال مباشر أم لا ، وهي قضية لازالت تشغل المناطقة المحدثين من الغربيين ( ) ، والقضية لا تنتهي عند هذا الحد ، فهناك من المناطقة الإسلاميين من يرى أن القياس الاستثنائي يحتوي على ما يقوم مقام الحد الأوسط فيه ، ومن ناحية أخرى يذكر أرسطو نوعين من الأقيسة تحتوي على شرط واستثناء يسميها أقيسة شرطية .
والقياس الشـرطي فوق ذلك ، لا يقتصر على الأقيسـة الاسـتثنائية ، فهناك أقيسة شرطية اقترانية أيضا ، يذكر ابن سينا عن نفسه أنه أول من استخرجها وفَصَّل القول فيها ، وأن السابقين عليه أهملوا ذكرها بما فيهم أرسطو ، لكن هذه الأقيسة الشرطية الاقترانية يتحقق الشرط الأرسطي للقياس فيها ، فهي تحتوي على حد أوسط .
فيما يتعلق بالمنهج النقدي العقلي ، هذا المنهج – من وجهة نظري – هو المنهج الأهم في حقل الدراسات المنطقية ؛ لأن المنطق على وجه العموم قديمه أو حديثه ، لا ينحصر في كونه آلة تنقد وتوزن بها ما سـواها من العلوم ، أو أنه منهج البحث فيها ، وأنه ذاته فوق البحث والنقد والوزن كما قد يتبادر إلى الوهم ، فالمنطق بالنسبة لغيره من العلوم معيار ومنهج ، لكنه بالنسبة لذاته موضوع للبحث وقابل من ثَمَّ للنقد والتمحيص ، إنه بمثابة عودة العقل إلى ذاته وعكوفه عليها واستبطانه لها ؛ لاستخراج الأسس السليمة التي يعتمد عليها في تفكيره ، ثم إعادة استخراج هذه الأسس من آن لآخر أيضا ، فهي حالة دائمة من التقييم والتمحيص المستمر ، لا تعرف الجمود أو التوقف عند شخص أو فترة زمنية ، واستخدام المنهج النقدي في الدراسات المنطقية كفيل بتحقيق هذه الحالة ، وكفيل بتحقيق استقامة الفكر بقدر الطاقة البشرية على نحو أفضل .