مَعَ الرَّاشِدِ بَحْثاً عَن الحَقِيقَةِ فِي رِسَالَتِهِ {سُيوفُنَا الخَمْسَةُ}

Book cover
مَعَ الرَّاشِدِ بَحْثاً عَن الحَقِيقَةِ فِي رِسَالَتِهِ {سُيوفُنَا الخَمْسَةُ} رسالة من الدكتور بشير مصلح عضو المكتب السياسي للجيش الإسلامي في العراق إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)، أما بعد: فقد منّ الله جل وعلا على عباد اصطفاهم واختارهم وشرفهم بحمل لواء الإسلام، ورفع راية الجهاد والذود عن حمى هذا الدين الحنيف، بعد زمن من الاستضعاف والاستبداد، وسنين طالت في ظلمتها وقهرها، عجاف في قطافها وثمرها، ضامرة في ضرعها وشطئها، مرت على الأمة مر الجبال في ثقلها، ثم ما لبثت إن زالت بأمر مقلبها، ليبدأ عهد جديد، وتدخل الثلة المؤمنة في اختبار وميدان ربما هو الأصعب في تاريخها، ليثمر ما بذر في تلك السنين العجاف قولا وعملا، جهادا وجلادا، صبرا وتضحية، بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، فالذين جاهدوا أنفسهم وصبروا وثبتوا من قبل وقت الضيق ودعوا ونظّروا وناظروا ... جاءهم وقت الاختبار ليتبين القائل من المتقول، وليثبت فعل الحسام صدق الكلام، فنجحوا في الاختبار الأول ليأتيهم الاختبار الثاني الأشد وطأة والأكثر كراهة للنفس، قال تعالى:(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )(البقرة:216). والمفارقة العجيبة أن من كانوا يُتهمون بضيق الأفق، والجهل في السياسة والعمل التنظيمي-أعني بهم أبناء التيار السلفي تحديدا- أقول هؤلاء هم الذين بادروا واتخذوا أصعب قرار سياسي على الإطلاق، ألا وهو قرار إعلان الحرب والمقاومة المسلحة ضد المحتل، ليصير غيرهم تبعا لهم في هذا الباب، وقد تبين فيما بعد أنه القرار الصائب المناسب، بخلاف من يدعون الخبرة ويتباهون بتنظيماتهم، حيث جبنوا وانكفؤوا على أنفسهم ينتظرون ما تأتي به الأيام، وتجاهلوا ما قاله أساتذتهم أرباب السياسة والتجربة من الغربيين من أن السياسة تخرج من فوهة البندقية، وهذا ما أدركناه مبكرا بفضل الله جل وعلا وتوفيقه. فتبارى الشجعان إلى العمل قبل وصول المحتل وقبل دخوله البلد، بالتنظير للجهاد ودفع الكفار عن بلاد المسلمين، على المنابر وفي حلق العلم وفي المجامع العامة، ودحضوا حجج القاعدين المخذلين دعاة السلامة والسلام، ذوي الفكر الانهزامي، الذين صار الجهاد تراثا في أدبياتهم، يتبركون به ولا يعملون منه بشيء، وبينوا بالدليل العلمي والحجة الدامغة وجوب أداء هذه العبادة العظيمة، وأنه لا ينكر وجوبها إلا من تسلل النفاق إلى قلبه، وبات يتذرع بشتى الذرائع التي يرفضها حتى عوام الناس، مع أن المسالة لا تحتاج إلى كثير نظر وتأمل. هذا قبل وصول الكفار ودخولهم البلد، شرعوا في التدريب وشراء الأسلحة وتخزينها، ثم ما لبث الأمر أن انجلى، وصار علم أمريكا في سماء بغداد الرشيد، معلنا عهدا جديدا وصفحة جديدة من تاريخ هذا البلد المعذب، فواصل الشباب مسيرتهم في درب الجهاد، وشرعوا بجمع وتخزين ما أمكن من السلاح والعتاد من سلاح الأمة ومالها -الذي أصبح بيد أهله- في وقت تعالت فيه صيحات الناعقين: (لا نثور ولا نثير ولا نستثير) وما شابهها من الترهات باسم المصلحة المزعومة ودفع الضرر عن أنفسهم، فلا هم للحق نصروا، ولا للكافر المحتل كسروا، ولا أنفسهم حفظوا، ولا كفوا شرهم عنا وسكتوا، وما أورثوا الناس إلا إحباطا وتثبيطا، بدلا عن رفع الهمم وشد العزم، ولكن التوفيق في هذا الزمن عزيز وصعب المنال. وطفقت الجماعات المسلحة تعلن عن نفسها وعملها محرضة الناس على قتال الغزاة ودفعهم عن بلاد المسلمين، فمنها ما كان تأسيسه قبل الاحتلال وهو الجيش الإسلامي في العراق وجماعة أنصار السنة لتبدأ المقاومة فور قدوم المحتل، أما بعد الاحتلال فكانت كتائب ثورة العشرين، وجماعة التوحيد والجهاد، ثم تبعتها بقية الجماعات على اختلاف أحجامها ومناهجها وأماكن عملها، وانتشرت على صفحات الإنترنت البيانات والعمليات المصورة، تخبر العالم بما يدور في هذا البلد. ومضت السنة الأولى على الاحتلال سريعا ودخلت الثانية، ورحى الجهاد تدور والكفار يذوقون الويل من أبناء هذا الدين، الذين جادوا بدمائهم لأجله، وضمت أجسادهم تربة بلاد الرافدين، وضجت بهم سجون المحتل وأوليائه، وسطروا أروع ملاحم البطولة والفداء في تاريخ الجهاد الحديث، وعلى رأسها ملحمة الفلوجة الأولى- التي من المناسب ذكر أنها جاءت بعد عملية استخباراتية قل نظيرها، استهدفت عملاء CIA الأمريكان المتسترين بغطاء المقاولات، على يد أبطال الجيش الإسلامي بقيادة الليث الهمام عبد الرحمن اللهيبي تقبله الله، إذ قتل بعدها نحسبه شهيدا والله حسيبه- هذه الملحمة التي ستظل شامة في وجه التاريخ، ووسام عز على صدور أبناء هذا البلد الصناديد، وأوشكت السنة الثانية أن تنتهي لتأتي معركة الفلوجة الثانية وما رافقها من ملاحم وبطولات،... كل هذا ولما يُسمع بجماعة تسمي نفسها اختصارا "جامع" أو الجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية-حيث أنها أسست قبيل معركة الفلوجة الثانية - وليس هذا بمستنكر جدا، أعني تأخر تشكيل جماعة تقاوم المحتل ولو أواخر العام الثاني على احتلاله البلد -فلكلٍ ظروفه- لكن المنكر والقبيح من القول هو أن تُجعل هذه الجماعة -أو من هو في مثل حالها من الجماعات- على رأس الجماعات المجاهدة وينسب إليها الفضل والسبق وكل الصفات الحميدة دون غيرها، بل ينسب إلى غيرها ضد تلك الأوصاف! فهذا مما لا يجوز السكوت عليه بحال، وهو ما دعانا إلى كتابة هذا المقال، فإن محمد أحمد الراشد-وهو اسم حركي- لقيادي كبير من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في العراق، ورمز من رموزها، له كتابات كثيرة ومشهورة، وله جمهور عريض من القراء، وقد بلغ من الكبر عتيا، أقول إن هذا الرجل قد كتب مقالا سماه [سيوفنا الخمسة] يتكلم فيه عن جماعة {الجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية – جامع}، التي أسست أواخر السنة الثانية بعد الاحتلال، وهي جزء من تنظيم الإخوان المسلمين في العراق، وواجهة مسلحة لهم، والمقال منشور على الموقع الرسمي لجامع على شبكة الإنترنت. وليست الكتابة في هذا الباب منكرة، فلكل جماعة أو حركة أو تيار أو شخص أن يكتب عن تاريخه وإنجازاته، إن كان من باب التحديث بنعمة الله جل وعلا، ولكي يقتدى به ويكون حافزا لغيره ودافعا للعمل، على أن لا ينتقص أو يستلب حق الآخرين ويدعي من الفضل ما ليس له، أو يزور التاريخ و يغير الوقائع، فهذا أمر شائن ليس من أخلاق الإسلام في شيء. فواعجباً كم يدَّعي الفضلَ ناقصٌ ....... وَوَاأسفاً كم يُظهِرُ النّقصَ فاضلُ وما يؤخذ على الرجل في مقاله المذكور، هو أنه جعل هذه الجماعة رأس الجهاد والمقاومة والسابقةَ فيها، وأنها كالأخ الكبير لأغلب الجماعات المجاهدة وأنها المرجع وكفى وغير ذلك من الأوصاف، و يكيل المدح والإطراء عليها وعلى أفرادها وفكرهم وتربيتهم وغير ذلك، ولسان الحال يقول: وإني وإن كُنْتُ الأخيرَ زمانُهُ ......... لآتِ بما لم تَسْتَطِعْه الأوَائلُ ولم يورد الكاتب في مقاله هذا شيئا يذكر عن حسنات أي من الجماعات وتاريخها وعملها وبطولاتها –ولو على سبيل المجاملة- بل كل كلامه عن هذه الجماعة! رغم معرفته الأكيدة ببقية الجماعات وفكرها ومنهجها بل ببعض قياداتها، فليت شعري ما هو الدافع وراء هذا الكلام الجريء؟ الذي يبدو أن كاتبه لم يحسب عواقبه ورد فعل الآخرين عليه. ويا له من فعل قبيح أن يقدم كاتب على محاولة تزوير تاريخ الجهاد في العراق، ومحاولة إزاحة الصبغة السلفية الغالبة على فصائل المقاومة الإسلامية في العراق؟ فالباري جل وعلا قد أمر بالعدل فقال:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90)، وأرسل الرسل وأنزل الكتب لأجل إحقاق الحق وإقامة العدل بين العباد، قال تعالى:(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)(الحديد:25)، قال الإمام الطبري: (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) ليعمل الناس بينهم بالعدل..
add to favoritesadd

Users who have this book

Users who want this book

What readers are saying

What do you think? Write your own comment on this book!

write a comment

What do you think? Write your own comment on this book

Info about the book

Author:

Series:

Unknown

ISBN:

0226645657

Rating:

4.5/5 (2)

Your rating:

0/5

Languge:

English

Genre

Do you want to read a book that interests you? It’s EASY!

Create an account and send a request for reading to other users on the Webpage of the book!