محاضرة الولاء للمؤمنين للشيخ عادل العباب -وفقه الله- مفرغة

Book cover
بسم الله الرحمن الرحيم

نُخْبَةُ الإِعْلامِ الجِهَادِيِّ

قِسْمُ التَّفْرِيغِ وَالنَّشْرِ


تفريغ المحاضرة الصوتية
" الولاء للمؤمنين "
لفضيلة الشيخ: أبي الزُّبير

عادل بن عبد الله العباب (حفظه الله)

[الغلاف]




الصادرة عن مؤسسة الملاحم للإنتاج الإعلامي
11 رجب 1431 هـ
6/22/ 2010 م



***


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمدُ للهِ وليِّ المؤمنينَ, والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ متولي الصادقينَ ومن سارَ على نهجِه في البراءةِ من الكافرينَ, أمّا بعدُ:

إنّ الولاءَ والبراءَ أصلٌ أصيلٌ من أُصولِ الإسلامِ, ودعامةٌ من دعائمِه, فلا يستقيمُ إسلامُ المرءِ حتى يواليَ في اللهِ ويعاديَ في اللهِ, يواليَ أهلَ الحقِّ ويعاديَ أهلَ الباطلِ.
والولاءُ والبراءُ شرطٌ في صحةِ الإيمانِ, كما قالَ سبحانَه وتعالَى: (تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ*وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَـكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ).
والولايةُ هي النصرةُ والمحبةُ والإكرامُ والاحترامُ للمحبوبينَ ظاهرًا وباطنًا, قالَ اللهُ تعالى: (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ), والولاءُ لا يكونُ إلا للهِ تعالى ولرسولِه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنينَ, قالَ سبحانه: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ*وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ).
فالولاءُ للمؤمنينَ يكونُ بمحبتِهم لإيمانِهم, ونصرتِهم والنصحِ والدعاءِ لهُم والوقوفِ معهم والرحمةِ بهم وكفِّ الأذى عنهم وإعطائِهم حقوقَ الإسلامِ وغيرِ ذلك مما يدخلُ في الولاءِ, قالَ اللهُ تعالى: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ), فموالاةُ المؤمنينَ تعني التقربَ إليهم وإظهارَ الودِّ لهم بالأقوالِ والأفعالِ والنوايا, وتعني تقديمَ النصرةِ لكلِّ متمسكٍ بالإسلامِ اعتقادًا وقولًا وعملًا, والذودَ عن عرضِه ومالِه, فأصلُ الموالاةِ الحبُّ, وأصلُ المعاداةِ البغضُ, وينشأ عنهما من أعمالِ القلوبِ والجوارحِ ما يدخلُ في حقيقةِ الموالاةِ والمعاداةِ كالنصرةِ والأنسِ والمعاونةِ وكالجهادِ والهجرةِ ونحو ذلك من الأعمالِ التي توضحُ حقيقةَ الولاءِ.
ولابدَّ من إخلاصِ الولاءِ للهِ, يقولُ سبحانَه وتعالَى: (قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ) فلا نُوالي من أجلِ الجاهِ والمالِ, وإنما يكونُ الولاءُ من أجلِ اللهِ المتعال.

- فولاؤنا لمنْ آمنَ بالله ربًّا وبالإسلامِ دينًا وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيًّا.
- ولاؤنا للمؤمنِ الذي يعبدُ اللهَ وحدَه لا شريكَ له ويتّبع النبيَّ في جميعِ أقوالِه وأفعالِه.
- ولاؤنا لمن اتخذَ القرآنَ منهجًا وسلوكًا.
- ولاؤنا لمن يسعى لتحكيمِ الشريعةِ ونادى بتطبيقِها وعملَ جادًّا لترسيخِها في أوساطِ الناسِ.
- ولاؤنا لمن يريدُ استرجاعَ الخلافةِ الإسلاميةِ ونبذِ العلمانيةِ وحاربها.
- ولاؤنا لمن رفعَ لواءَ الإسلامِ وقامَ بنشرِه في جميعِ البلدانِ وحملَ همّه, فعلّم الناسَ التوحيدَ وحذّرهم من الشركِ ليعبدُوا اللهَ الغفورَ الشكورَ ويهدمُوا شركَ القبورِ والقصورِ.
- ولاؤنا لمن تركَ الديارَ والخلانَ والأهلَ والأوطانَ نصرةً للواحدِ الديّانِ, فنصرَ المجاهدينَ في كلِّ مكانٍ, نصرَهم في العراق والشيشان والصومال والبلقان, وفي المغرب وتركستان, وفي جزيرةِ العرب وأفغانستانَ, وفي فلسطين والشام.
- ولاؤنا لمن هاجرَ ليذودَ بسنانه وكلامه عن حياضِ الإسلامِ فحفظ بيضةَ المسلمينَ وأنقذَ أطفالًا رُضّع وشيوخًا رُكّع, وقدّم الغاليَ والنفيسَ لاسترجاعِ الأقصى الحبيسِ.
- ولاؤنا للمؤمنِ الذي بادرَ بنفسه وماله ليحيا المستضعفون وتُرد حقوقُ المظلومين فاقتحم غمارَ الموتِ دفاعًا عنهم يصولُ ويجولُ تحت نيرانِ القصفِ حتى لا يُزجَّ بالإخوةِ الأخواتِ بالسجونِ ويُهانَ المسلمون.
- ولاؤنا لكلِّ مؤمنٍ مجاهدٍ في سبيل الله رأى ما حلّ بالأمّة الإسلامية من قتلٍ وقصفٍ وتخريبٍ وتدميرٍ وإهلاكٍ للحرثِ والنسلِ, فلم يهنأ له بالٌ ولم يستلذّ بطعامٍ ولا شرابٍ وتركَ الدنيا السرابَ فنفرَ لإنقاذِهم استجابةً لقولِ العزيزِ الوهّابِ: (انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ) وخشية أن يقعَ في العقابِ كما في الخطاب: (إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً).
- ولاؤنا للمؤمنِ الذي رفضَ الديمقراطيةَ التي تُألّه البشرَ وتعارضُ أن يكونَ الحُكمُ لله وحدَه, فمَن حاربَ منهجَ الديمقراطيةِ المخالفَ للقرآنِ والسُّنة نواليه وننصرُه ونحبُّه ونضعُ يدَنا في يدِه ونفتحُ له قلوبَنا وبيوتَنا ونمدُّ له أيدينا؛ لأنه هو من ينقذُ أطفالَ ونساءَ المسلمين ويحررُ المقدساتِ من أيدي الصليبيينَ فنوالي المؤمنَ الرافضَ خططَ اليهودِ والنصارى وأذنابِهم في احتلالِ بلادِ المسلمينَ والسيطرةِ على منابعِ النفطِ في المجتمعاتِ الإسلاميةِ, ونقفُ جنبًا إلى جنبٍ مع المؤمنِ الصادقِ مع ربه ونبيه ودينه وأمّته, المرء المسلم الذي سَلِمَ المسلمون من لسانِه ويدِه يتحرّى من يوالي ومن يؤيد, فلا يُوالي إلا الصّادقين..
- الصادق في سريرته وعلانيته صدقًا لا غَبشَ فيه نظيف القلبِ وسليم الصدرِ لا يضعُ يده في يد من روّع الآمنين من اليهودِ والحكامِ والصليبيين.
- الصادق الذي لا يُحابي سجّان الأمسِ ولم يكن له معاونًا أو مفتيًا أو مفاوضًا ولا لربه منافقًا.
- الصادق الذي لا يبيعُ دينه بعرضٍ من الدنيا قليلٍ ولا يساومُ على بيع عقيدته وعرضه من أجل مسكنه ومأكله أو زوجته وذريّته, أو جمعيّته ومركزه, أو مسجده ومؤسسته, أو جامعته وقناته.
- الصادق الذي لم يتلبّس بنصرةِ الأمريكان وعملائهم.
- الصادق الذي والى المجاهدينَ وناصرهم على عدوِّهم ابتغاءَ مرضاةِ الله وتأسيًا برسولِ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم, فنبذَ اليهودَ والأمريكانَ وأعوانَهم وأنصارَهم وتبرّأ من مُعتقداتهم وخزعبلاتهم ولم يكن لهم مواليًا أو جاسوسًا حتى يكون مواليًا لله ولرسوله والمؤمنين, فلا يصحُّ ولاءٌ بالوقوفِ مع العملاءِ, ولا إيمانَ لمن كان ولاؤه للأمريكان يدلُّهم على عوراتِ المسلمينَ الشرفاءِ وأماكنِ المجاهدينَ الأتقياءِ ويعملُ معهم باسم مكافحة الإرهاب (أي محاربة الإسلام!), فمَن كان هذا حالُه فقد والاهم مِن دونِ المؤمنين وانطبقَ عليه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).

يا علماءَ المسلمين:
مَن الذي يمنعُكم مِن موالاةِ المجاهدين؟
إنْ كانَ الذي يمنعُكم هو أنهم يخالفونكم في بعضِ مسائلِ التنزيلِ؛ فقد اختلفَ الصحابةُ الكِرامُ في مسائلِ تنزيلِ الأحكامِ وتقاتلوا فيما بينهم كما حصل بين الصحابيين الجليلين معاوية وعلي رضي الله عنهما, ولكن لم يكن هذا الخلافُ سببًا لتركِ الولاءِ والمحبةِ والنصرةِ للمؤمنِ أو صرفِه للمنافقين والمشركين, بل كانوا يجتمعون على محاربةِ النصارى, إذًا فلا نتخذ من هذا الخلاف سببًا في أن نرتمي في أحضانِ العلمانيين ونتوحّد معهم ضدَّ المجاهدين.
ولنفترض أن هذا الخلافَ هو السببُ, فمَن أشدُّ مخالفة؟ أهو الذي خالفكَ في مسألةٍ اجتهاديةٍ أو وسيلةٍ من وسائلِ التغييرِ؟ أم الحاكمُ العلمانيُّ الديمقراطيُّ الموالي للصليبيين المطبِّع مع إسرائيلَ المتحاكم للكفرِ المخالف لأصولِ الدين بدعوته إلى تقاربِ الأديان! فهذا ليس سببًا شرعيًّا في صرفِ الولاءِ لغيرِ المجاهدين ناهيك أن تكون أحد أنصار الحُكّام أو أحد المحاربين للمجاهدين على شاشة الإعلام فتخسر ولاءَ الصالحين وتُجيّر جهودك وولاءك للأنظمة العلمانية.
والمتابعُ لتاريخِ السلفِ والعلماءِ الربانيين لا يجدُ أنهم صرفوا الولاءَ لليهودِ أو النصارى أو لأذنابهم من السلاطين بل كانوا يأخذون من أهلِ الذمةِ الجزيةَ عن يدٍ وهُم صاغرون.
وقد قاتلَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ مع أهلِ البِدع التتارَ الكفارَ المحتلين ديارَ المسلمين وتوحّد المسلمون تحت رايةِ البطلِ صلاحِ الدينِ الأيوبيِّ لقتالِ الإفرنجِ مع اختلافِ مذاهبهم في مسائلِ الكلام.
ومن عقيدةِ أهلِ السنةِ والجماعةِ الجهادُ مع كلِّ برٍّ وفاجرٍ, بينما أننا نرى بعضًا منكم أيها العلماءُ يتفقُ مع أصحابِ البِدع المكفرةِ في قتالِ المجاهدين من أهلِ السنةِ والجماعةِ, فالمؤمن يوالى على قدرِ ما عنده من إيمانٍ ويُبغض على قدرِ ما ارتكبه من معصيةٍ, وهذا على سبيلِ التنزُّل مع المخالفِ, وإلا فمنهجُ المجاهدين من أوضحِ المناهجِ التي تدعو إلى الكتاب والسنة قولًا واعتقادًا وعملًا, وكلماتُ ومحاضراتُ وكتبُ مشايخِ الجهادِ فيها من الوضوحِ في الدعوةِ إلى التوحيدِ ونبذِ الشركِ مع السعيِّ لإقامةِ الخلافةِ الإسلاميةِ ما لا يوجدُ عند بقيةِ الجماعاتِ ومواقفهم لم تتغير تجاه الحاكمِ المنازعِ الله في حاكميته, إذًا فما الذي يجعلكم تسارعون في موالاةِ الطغاةِ -إلا من رحم الله منكم- حتى وصلَ بكم الحالُ إلى التشكيكِ بقدرات المجاهدين في استرجاع الخلافةِ الإسلاميةِ وكأن التاريخَ غُيِّبَ عنكم أو كأنكم لم تقرؤوا سيرةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في كيفيةِ بناءِ الدولةِ الإسلاميةِ في ظلِّ وجودِ دولةِ المشركين, في ظلِّ وجودِ دولةِ اليهودِ والرومِ وفارسَ وأعوانِهم من المنافقين.

أيها العلماءُ:
أَوَمَا تعُون أنه كلما توسّع المجاهدون في الأرض وأثخنوا الضرباتِ في العدوِّ الصليبي استخدمكم عملاؤهم أبواقًا إعلامية لتخدّروا الأمّة وتشككوا بشرعيةِ استهدافِ الكفارِ المحاربين ورؤوسِ الردةِ المارقين وترمُوا خيرةَ المجاهدينَ بفكرِ الخوارجِ المنحرفِ, وبهذا شاركتموهم في محاربةِ المدِّ الجهاديِّ المتنامي, فكل هذا الذي يبدرُ منكم ليس من الولاء للمؤمنين بل جُيِّرت جهودكم وولاؤكم لصالحِ الحملةِ الصليبيةِ بسببِ قعودِكم وموالاتِكم لعملائهم وتقديمِ مصالحكم الجزئية الموهومة على مصالحِ الأمّةِ الكليةِ المتحققةِ.
فهؤلاء المتناقضون في آرائهم يصرفون مسألةَ الولاءِ على غيرِ ما أراده اللهُ ورسولُه, فتُخالف أفعالُهم أقوالَهم ويذمون واقعًا هم لبناته والمسهمون فيه ويتغير ولاؤهم على حسبِ القوى وميزانِ الهوى! بالأمسِ لمّا ضُرِبت غزة تبرؤوا ممن وقف مع إسرائيل وقالوا إنّ حكامَ العربِ لا يعبدون إلا كراسيهم فهي آلهتهم, ودعا بعضُهم لقتالهم, ثم سرعانَ ما تبخرَ كلُّ هذا وجوّزوا للحاكمِ موالاةَ اليهودِ والنصارى لدفعِ ضررهم الأكبر وكأنّ ديارَ المسلمين غير محتلةٍ ودينهم غير مُحارب وأعراضُهم مُصانة وأموالهم محروزة!.
سبحانَ اللهِ كانَ طرحُ كثيرٍ من الدعاةِ في المحاضراتِ وفي حديثهم للناسِ طرح مفاهيمِ الكتابِ والسنة, وكان ولاؤهم لهما ولمن طبّقهما من أبناءِ المسلمين وعلى وجهِ الخصوصِ كانَ الولاءُ للمجاهدينَ حفاظًا على التوحيدِ وأهلِه وحربًا على العلمانيةِ وأصحابِها, فوالوهم وذادوا عنهم وعادوا كلَّ من عاداهم من أعداءِ الدينِ ومن وقفَ معهم, ثم تغيرت الأحوالُ وتبدلت المواقفُ عندما غُيِّبَ بعضهم في السجونِ وأُوقِف من أُوقِف منهم وامتُحِن في دينه فعندها انقسمت الولاءات إلى قسمينِ بناءً على الأقوى, فتناقضت الأفعالُ والأقوالُ, فمن والوه بالأمسِ عادوه اليومَ ومن عادوه ونابذوه من الحكامِ الخونةِ والوه, في حين أن هؤلاء الحكام مبادئهم هي المبادئ العلمانية نفسها لم تتغير أو تتبدل بل ازدادت وضوحًا في مخالفةِ منهجِ اللهِ.

وهنا أطرحُ على مَن كان هذا حاله هذا السؤالَ, ولكن الجواب يترتب عليه جنةٌ لمن وُفِّق وفاز, ونارٌ لمن لم يُوفق وخِسر, ولابد أن يكونَ الجوابُ بعيدًا عن المداهناتِ والمجاملاتِ لأن المسألةَ مسألةُ إيمانٍ وكفرٍ, مسألةُ توحيدٍ وشِركٍ, والسؤالُ:
مَن هو أحقُّ بالولاءِ والنصرةِ والمحبّةِ, أهوَ المؤمنُ صاحبُ العقيدةِ التي لا غُبارَ عليها -عقيدةِ أهلِ السنةِ والجماعةِ- أم هو العلمانيُّ صاحبُ عقيدةِ الكفرِ بأحكامِ الشريعةِ السماويةِ؟
مَن أحقُّ بالولاءِ, أهوَ مَن يبذلُ روحَه ومالَه ليبقى دينُه, أو هو من يسعى السعيَّ الحثيثَ لمحاربةِ الإسلامِ, تارةً ينشرُ الآراءَ المخالفةَ للقرآنِ والسنةِ -كالقوميةِ والديمقراطيةِ والاشتراكيةِ- وتارةً يشاركُ في محاربةِ الدينِ؟
مَن أحقُّ بالولاءِ, أهوَ مَن يجاهدُ ليقيمَ الخلافةَ الإسلاميةَ, أو هو مَن يعملُ لترسيخِ حكمِ اليهودِ والنصارى في الأرضِ؟

يا علماءَ المسلمين:
كيفَ وضعتُم أيديكم في أيدي الحكامِ -إلا مَن رحمَ اللهُ منكم- وأعطيتموهم الولاءَ مع أنهم تبنوا العلمانيةَ ورفضُوا الشريعةَ وأقروا بمواثيقِ الأممِ المتحدةِ وتحاكموا إلى محاكمِها وأيّدوا المحتلَّ وشاركوا في تحقيقِ مُخططه وسهّلوا له الاستيلاءَ على منابعِ النفطِ وخانوا الأمّةَ واستباحُوا الخمرَ والزنا والربا بقوانينِهم الوضعيةِ وحاربوا الله ورسوله؟

يا علماءَ المسلمين:
لماذا هذا التحريفُ والتعطيلُ لمفهومِ الولاءِ؟ ولماذا لا نراكم توالون المؤمنين فتتبنون قضاياهم وتناصروهم وتقاتلون دونهم بدلَ أن تصرفوا الولاءَ لمن عاداهم وناصرَ عدوّهم ومنعَ المسلمين من الأخذ بثأرهم ودفع الصائل عنهم, لماذا تُضفون عليهم الصبغةَ الشرعيةَ وتجعلونهم ولاةَ أمرٍ شرعيين؟ فمن الذي يُجوِّز لكم هذا ولا سيما في ظلِّ هذه الأوضاعِ التي تمرُّ بها الأمّةُ الإسلاميةُ وتكالب الأعداءِ وأنصارهم عليها, فواليتم أعداءها ومدمري حضارتها وإنتاجها, وفي صحيح الإمام البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب", فحبُّ المؤمنِ ومناصرته والوقوفُ إلى جانبه ضدَّ الأعداء وبغضُ الكافرين ومقاتلتهم مِن لوازمِ الإيمانِ بالولاء, فيجبُ علينا أن نحبَّ لله ونُبغِض لله ونوالي في الله ونعادي في الله, ومن لوازمِ الإيمان بالولاء عدم حِل غيبةِ المسلمِ وحسده وبغضه وعدم خذلانه وظُلمه وعدم استباحة دمه وماله وعرضه, وأي خذلانٍ للمجاهدين أكثرُ مما يحصلُ منا اليوم؟
خذلانهم في أفغانستانَ والعراقِ والصومالِ والشيشانِ وفي جزيرةِ العربِ, أوما حرّكت مشاعرَنا المشاهدُ البشِعةُ التي نراها ونسمعُ عنها في استباحةِ أعراضِ المسلمين؟ فكم من أختٍ لنا هتك عرضَها الأمريكان وعملاؤهم!

أيها المسلمون:
أما لامست آذاننا صرخاتُ الأطفالِ وأنّاتُ الأمهاتِ؟ كم من أطنانِ المتفجراتِ التي صُبّت عليهم؟
فإن كنا صادقين في ولائنا للهِ ورسولهِ والمؤمنين فلماذا هذا السكوتُ منا؟ فلا بدَّ أن ننفرَ في سبيل الله لننقذَ المسلماتِ ونسترجعَ المقدساتِ ونخلصَ الأقصى من هدم اليهود, ففي صحيح مسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدُوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبِع بعضكم على بيع بعضٍ وكونوا عبادَ اللهِ إخوانًا, المسلمُ أخو المسلمِ لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره, التقوى هاهنا -ويُشيرُ إلى صدرِه ثلاثَ مراتٍ- بحسبِ امرئٍ من الشر أن يحقرَ أخاه المسلمَ, كل المسلمِ على المسلمِ حرامٌ دمُه ومالُه وعرضُه".
ومن علاماتِ الإيمانِ بالولاء القيامُ بحاجةِ المسلمِ وستره وتفريج كربه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن كان في حاجةِ أخيه كانَ اللهُ في حاجته ومن فرّج عن مسلمٍ كربة فرّج الله بها عنه كربة من كُرب يوم القيامة ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة" رواه مسلم.

وفي الأخير, يا شبابَ الإسلام وفرسانَه, بِكُم تنعقدُ الآمالُ, فذودُوا عن المؤمنينَ وجادلُوا مَن ظَلَمَهُم مِن أهلِ الإسلامِ باللينِ وبالتي هيَ أحسنُ شيئًا فشيئًا حتّى تردُّوهم إلى صوابِهم, وأطلِعوهم على كُتبِ المجاهدينَ وإصداراتِهم. اللهم انصُر الإسلامَ والمسلمينَ ومن والاهم, وأهلِك أعداءك أعداءَ الدينِ ومَن ناصرهم, ووفقنا لموالاةِ المؤمنينَ وأعِنا على البراءةِ مِن المرتدينَ, وسلامٌ على المرسلينَ, والحمدُ للهِ مُتولي المؤمنينَ وناصرِ المجاهدين.
add to favoritesadd

Users who have this book

Users who want this book

What readers are saying

What do you think? Write your own comment on this book!

write a comment

What do you think? Write your own comment on this book

Info about the book

Author:

Series:

Unknown

ASIN:

753246752X

Rating:

5/5 (3)

Your rating:

0/5

Languge:

English

Genre

Do you want to read a book that interests you? It’s EASY!

Create an account and send a request for reading to other users on the Webpage of the book!